تمضي الواحدة منا في طريق لها فإذا بقدميها تتعثران إذا ما صادفت حادث أو تلبد الجو حولها بالغيوم، ثم سرعان ما تحتل الأفكار السلبية الفكر والتفكر والبصر والتبصر، ولسان حالها يتلهف: هل هناك من مخرج؟.
أيتها الابنة والأخت والأم لن يفلح قوم ضاع بينهم التواصي بالحق والصبر.
فعلينا أن نتزكى لعلنا نكون ممن تنفعهم الذكرى ولنتذكر معا دائما هذه الأمور التي تعيننا على المضي في رشد وعزيمة صابرين في البلاء شاكرين في النعماء، وهي:
= أولا: أن هذه الحياة الدنيا أقامها الحق على سنة التغيير والمداولة بين الناس فلا إستقرار لها ولا دوام على حال، وهذه السُنة هي التي لن نجد لها تبديلا ولا تحويلا، وهي مغلفة بـ {إن مع العسر يسرا}.
= ثانيا: علينا أن نوطن أنفسنا على وضوح الهدف الذي من أجله خلقنا، وأن يكون راسخًا في قلوبنا، فلقاء الله والفوز بدار المستقر هو الهدف، وهو المنار الذي يضيء لنا الطريق مهما إشتدت الظلمات أو عُمّيت علينا الإشارات.
= ثالثا: من البطولة أن نؤمن ونقر بالمتقلبات فقد أقسم سبحانه قائلا {لتركبن طبقا عن طبق} وقضى بأننا إليه منقلبون، فعلينا أن ندرك أهمية هذا التحول بين مراحل الحياة، وأنه هو الذي يأتي بالإزدهار بعد الخمول والضعف والإستسلام، وليكن سلاحنا في مواجهة العثرات الفرار إلى الله والإستمساك بالرضا به ربا.
= رابعا: الحذر كل الحذر إذا واجهنا أمامنا بابًا مغلقا في طريقنا ومسارنا أن يحيط بنا اليأس، أو نظن أن هذا الإغلاق هو الدمار، فحسن الظن بالله يجعلنا نقف لتدبر الأمر لعل بابًا آخرًا مفتوح ونحن لا نراه، وكان لابد من إغلاق الأول لإبصار النور من الآخر، أو أن وراء الباب الذي أغلق من الأهوال ما لايكون لنا طاقة في تحمله وأن حماية الله لنا تنجينا، فأفعال الحكيم كلها تصدر بحكمة وهو القائل سبحانه {فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا} [النساء:19].
وليكن دعاؤنا اللهم إجعل ما قضيت لنا من المنع والعطاء زادا لنا في تحصيل مرضاتك.
= خامسا: إياكِ إياكِ أن تسجنك أفكارك، فليس السجين المهان من وُضع بين الحوائط والجدران، إنما السجين الذليل الذي وكله الله إلى نفسه، وحاصرته الهواجس والظنون، فسجين المكان قد تكون مفتحة له الأبواب، وقد يمُنُ الله الواسع عليه بسعة الصدر والتحرر من قبضة وضيق النفس.
ويحكى أن ملكًا قد حبس أحد عبيده ثم قال له بعد فترة سأعاملك بالعدل نحن الآن في أول الليل فإن إستطعت أن تخرج من سجنك حتى مطلع الفجر فأنت حر.
فأخذ العبد يبحث وينقب عن أي فتحة في الجدران ولكنها كانت عتيدة وأعياه البحث وأخذ إضطرابه يزداد كلما مرت اللحظات ويضرب الحيطان بالأيدي بيديه ورجليه ورأسه، وإمتلأت عيناه بالدموع ومضت الساعات وخارت قواه وإنزوى في ركن من الأركان، فإذا به يسمع صوت الملك يسأله: لِمَ لمْ تخرج؟.
فيرد عليه: هذا ليس عدلا.. هذا المكان مطبق الإحكام.
فإذا بالملك يقول له: قم وافتح الباب فلم يكن أبدا عليه أقفال.
هكذا يَعمينا الغضب وسوء الظن عن رؤية الآيات وتلمس الرحمات.
وأخيرا ليكن ميزاننا ميزان القسط الذي أوضحه لنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قائلا: أكثروا من ذكر هادم اللذات، فما ذكر الموت في واسع إلا ضيقه، ولا ذكر في ضيق إلا وسعه، فبادري بالتشمير لعمل الصالحات والصبر لتمر أمواج العثرات، والزمي التفاؤل فالله يحسن التدبير لمن تولاه، وما علينا إلا البعد عن التسخط حتى نتلقى النفحات من الوهاب، ونستطيع تجاوز الأزمات والإستفادة منها، فغالبا ما تأتي المحن بالمنح لمن أسلم قلبه لرب العباد.
الكاتب: تهاني الشروني.
المصدر: موقع رسالة المرأة.